الرئيسية / أجوبة هامة / أجوبة هامة كتابي /  الجواب رقم (28) عن احتجاج الإمام أحمد بالأحاديث الضعيفة وهل كان يرى روايتها في فضائل الأعمال.

 الجواب رقم (28) عن احتجاج الإمام أحمد بالأحاديث الضعيفة وهل كان يرى روايتها في فضائل الأعمال.

السؤال: هل صح أن الإمام أحمد بن حنبل كان يحتج بالأحاديث الضعيفة وهل صحيح أنه الإمام أحمد يجوز رواية الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال ؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه بإحسان إلى يوم الدين

وبعد فإن الإمام أحمد بن حنبل هو إمام أهل السنة وكان رحمه الله تعالى متمسكا بالكتاب والسنة معروف باتباعه للسنن والآثار وتحريه.

وما يذكره بعض الناس من أن الإمام أحمد – رحمه الله – كان يجوز الرواية رواية الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال وأنه كان يحتج بالأحاديث الضعيفة فليس بصحيح

والمراد بالأحاديث الضعيفة بالحديث الضعيف التي يحتج بها الإمام أحمد ويجوز روايته في فضائل الأعمال هو الضيف الحسن وذلك لأن الضعيف كان ينقسم على قسمين ضعيف متروك وضعيف حسن

والأحاديث الحسنة أو التي لها طرق تثبت بها أو تتقوى بها ونحو ذلك وهي الأحاديث التي ليس فيها كذاب ولا متهم بالكذب أو متروك ونحو ذلك

 وذلك لأن الأحاديث في زمن الإمام أحمد كانت تقسم إلى صحيح وضعيف وإن كان بعضهم كان يذكر الحسن أحيانا لكن لم يكن شاع في زمان الإمام تقسيم الحديث إلى صحيح وضعيف وحسن

وأول من أشهر هذا التقسيم هو الإمام الترمذي – رحمه الله- ثم شاع بعد ذلك

أو يقال قسم إلى قسمين صحيح وضعيف لأن الحسن داخل في الصحيح

قال الحافظ العراقي في ألفيته:  

– وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ … إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَن

 قال السخاوى في فتح المغيث شرح ألفية الحديث (1| 26- كمتبة السنة – مصر):

(وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ) أَيِ: الْحَدِيثِ (قَسَّمُوا) – بِالتَّشْدِيدِ – السُّنَنَ الْمُضَافَةَ لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْرِيرًا وَكَذَا وَصْفًا وَأَيَّامًا.

(إِلَى صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَحَسَنٍ) وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَا اسْتَقَرَّ اتِّفَاقُهُمْ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَمِنْهُمْ – كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَسَنِ مِمَّا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ عُلُومِهِ – مَنْ يُدْرِجُ الْحَسَنَ فِي الصَّحِيحِ ; لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاحْتِجَاجِ أهـ.

والخلاصة أن من ظن أن الإمام أحمد كان يحتج بالأحاديث الضعيفة أو يجوز روايها في فضائل الأعمال فقد أخطأ وغلط على الإمام أحمد.

وقد أنكر الإمام أحمد أحاديث وآثار وردها  بسبب طعن في رواتها بالكذب أو الاتهام بالكذب أو متروكين أو ضعفاء أو انقطاع أو مخالفة الثقات…إلخ وهذا مشهور كثير عن الإمام أحمد – رحمه الله-

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- في [القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة – مكتبة الفرقان – عجمان – 2/175، 176 ،177] : المقصود أن هذه الأحاديث التي تُروى في ذلك من جنس أمثالها من الأحاديث الغريبة المنكرة بل الموضوعة، التي يرويها من يجمـع في الفضائل والمناقب الغث والسمين، كما يوجد مثل ذلك فيما يصنف في فضائل الأوقات وفضائـل العبادات وفضائل الأنبياء والصحابة وفضائل البقاع ونحو ذلك، فإن هذه الأبواب فيها أحاديث صحيحة وأحاديث حسنة وأحاديث ضعيفة وأحاديث كذب موضوعة، ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة.

لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يُعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب.

وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروي في فضله حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً، ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ثم ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع.

رحمه رد على الذين ظنوا أن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- كان يحتج بالحديث الضعيف فقال –فقد الله تعالى-:ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن غلط عليه [ص 177].

ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح، وضعيف.

  والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن، كما أن ضعف الإنسان بالمرض ينقسم إلى مرض مخوف يمنع التبرع من رأس المال، وإلى ضعف  خفيف لا يمنع من ذلك.

وأول من عرف أنه قسم الحديث ثلاثة أقسام – صحيح، وحسن، وضعيف – هو أبو عيسى الترمذي في جامعه.

والحسن عنده ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ.

فهذا الحديث وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به، ولهذا مثل أحمد الحديث الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجري ونحوهما. وهذا مبسوط في           موضعه.أهـ مختصراً

 وقد قال الشيخ أحمد شاكر في [الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث76- دار التراث- الجمهورية-القاهرة] :

 والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث واجب في كل حال ، لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح ، وخصوصاً إذا كان الناقل له من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم في ذلك ، وأنه لافرق بين الأحكام وفضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من حديث صحيح أو حسن.

وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك (إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا)، فإنما يريدون به – فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة، فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقراً ، واضحاً، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط.أهـ.

 هذا ما وفقني الله عز وجل لتوضيحه والجواب عنه والله أعلم

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه بإحسان إلى يوم الدين

****** ر ******

الشيخ/ أبومصعب سيد بن خيثمة 

عن khithma

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*