الرئيسية / أجوبة هامة / أجوبة هامة كتابي / الجواب رقم (22) عن جواز العمل بالأحاديث الضعيفة في العقائد وفضائل الأعمال والأحكام ؟

الجواب رقم (22) عن جواز العمل بالأحاديث الضعيفة في العقائد وفضائل الأعمال والأحكام ؟

السؤال: هل يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال والعقائد والأحكام الشرعية وغير ذلك ورواية الأحاديث الضعيفة في الفضائل والترغيب والترهيب حيث أن هناك بعض الدعاة يذكرون الأحاديث الضعيفة في الخطب والدروس وغيرها فإذا أنكرنا عليهم قالوا يجوز في فضائل الأعمال؟

 الجواب:

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد:

الصحيح أنه لا يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الاعمال ولا في الاعتقاد ولا  في الأحكام الشرعية

وفي الأحاديث الصحيحة أو المقبولة غنية عن الضعيف و المنكر والموضوع وغيره فلا يحتج بالأحاديث الضعفية كما سيأتي

 وقد جوز النووي العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال حتى نقل اتفاق أهل العمل على ذلك  فقال في مقدمة الأربعين النووية : وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال أهـ

قلت: نقل الاتفاق غير صحيح هذا أولا فقد خالف في ذلك جمع من العلماء

 وثانياً : أن القول الصحيح هو عدم جواز  العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال و لا الأحكام

قال الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه [قواعد التحديث 1/131] :

لا يعمل به مطلقاً لا في الأحكام ولا في الفضائل حكاه ابن سيد الناس في عيون الأثر عن يحيى بن معين ونسبه في فتح المغيث لأبي بكر بن العربي والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضاً يدل عليه شرط البخاري في صحيحه وتشنيع الإمام مسلم على رواة الضعيف كما أسلفناه وعدم إخراجهما في صحيحهما شيئاً منه وهذا مذهب ابن حرم رحمه الله أيضاً حيث قال في الملل والنحل ((ما نقله أهل المشرق والمغرب أو كافة عن كافة أو ثقة حتى يبلغ إلى النبي إلا أن في الطريق رجلاً مجروحاً بكذب أو غفلة أو مجهول الحال فهذا يقول به بعض المسلمين ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه ولا الأخذ بشيء منه وهو المتجه)) أهـ.

وقد بين الحافظ ابن حجر سبب إعراض بعض العلماء عن العمل بالضعيف في الفضائل : فقال :في [النكت على ابن الصلاح 2/310] : ونقل النووي في الجزء الذي جمعه في إباحة القيام فيه الاتفاق فقال ( ص77 ) ” أجمع أهل الحديث وغيرهم على العمل في الفضائل ونحوها مما ليس فيه حكم ولا شيء من العقائد وصفات الله تعالى بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ” إذا علمت هذا فقد نازع بعض المتأخرين وقال جوازه مشكل فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإسناد العمل إليه يوهم ثبوته ويؤدي إلى ظن من لا معرفة له بالحديث الصحة فينقلونه ويحتجون به وفي ذلك تلبيس قال وقد نقل بعض الأثبات عن بعض تصانيف الحافظ أبي بكر بن العربي المالكي أنه قال ” إن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا “أهـ .

وقد شدد مسلم – رحمه الله تعالى- على من يروي الأحاديث الضعيفة أو المردودة أمام من لا يعرف غير مبين لها فقال في [مقدمة صحيحه 1/12 – إحياء التراث- بيروت-عبد الباقي] :

 وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك غاشا لعوام المسلمين إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام ولأن يقال ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى علم وقد تكلم أهـ.

وقد ذكر النووي رحمه الله تعالى أن جرح الرواة واجب

 فقال- رحمه الله تعال -:اعلم أن جرح الرواة جائز بل واجب بالاتفاق للضرورة الداعية إليه لصيانة الشريعة المكرمة وليس هو من الغيبة المحرمة بل من النصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ولم يزل فضلاء الأئمة وأخيارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك كما ذكر مسلم فى هذا الباب عن جماعات منهم أهـ.[النووي في شرح مسلم 1/124- إحياء التراث- بيروت].

قلت: وتعليل ذلك  هو تمييز الأدلة صحيحها من سقيمها. حتى يعتمد الناس على أدلة ضعيفة أو منكر أو باطلة سواء كان في الاعتقاد أو في الأحكام أو فضائل الأعمال أو غير ذلك.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- في [القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة – مكتبة الفرقان – عجمان – 2/175، 176 ،177] : المقصود أن هذه الأحاديث التي تُروى في ذلك من جنس أمثالها من الأحاديث الغريبة المنكرة بل الموضوعة، التي يرويها من يجمـع في الفضائل والمناقب الغث والسمين، كما يوجد مثل ذلك فيما يصنف في فضائل الأوقات وفضائـل العبادات وفضائل الأنبياء والصحابة وفضائل البقاع ونحو ذلك، فإن هذه الأبواب فيها أحاديث صحيحة وأحاديث حسنة وأحاديث ضعيفة وأحاديث كذب موضوعة، ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة.

 وأنبه على أنه لابد من بيان ضعف الحديث للناس حتى  لا ينطلي عليهم أو يغتروا به.

وقد تقد كلام الإمام  مسلم – رجمه الله تعالى- .

وقد قال الشيخ أحمد شاكر:

 والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث واجب في كل حال ، لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح ، وخصوصاً إذا كان الناقل له من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم في ذلك ، وأنه لافرق بين الأحكام وفضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من حديث صحيح أو حسن أهـ من [الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث76- دار التراث- الجمهورية-القاهرة].

وحتى من جوز العمل بالأحاديث الضعيفة وضع شروطا لها

والعمل بالضعيف في فضائل الأعمال فيه أقوال :

منها : لا يعمل به مطلقاً لا في الأحكام ولا العقائد والأسماء والصفات ولا في فضائل الأعمال وغير ذلك وهو مذهب يحيى بن معين والبخاري ومسلم وابن حزم وابن العربي.

ومنها : جواز العمل به في فضائل الأعمال بشروط.

أن يكون الحديث في الترغيب والترهيب.

ألاَّ يكون الضعف شديداً.

أن يندرج تحت أصل معمول به .

ألا يعتقد عند العمل به ثبوته, بل يعتقد الاحتياط.

فالشرط الأول يخص الترغيب والترهيب (فضائل الأعمال) بالعمل ومن ثم أقول كيف تتقرب إلى الله وتتدين بما لم يثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- وتعمل به على أنه شرع ، فإذا كنتم تعتقدون أنه شرع فلماذا تفرقون بين العمل بالضعيف في العقائد والأحكام وبين الفضائل ؟ ثم هذا التخصيص غير صحيح، بل لا بد من الأدلة الصحيحة أو المقبولة حتى نتدين  لله سبحانه وتعالى بالعمل بها في الجميع.

وأما الشرط الثالث أن يندرج تحت أصل معمول به فهذا يدل على أن العمل على الصحيح أو الأدلة العامة الصحيحة وليس على الضعيف. 

 الشرط الرابع وهو ألا يعتقد عند العمل به ثبوته, بل يعتقد الاحتياط هذا شيء عجيب إذ كيف أعمل بعمل لا أعتقد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم وأعمل به على أنه قربة وعمل مشروع .

قلت وهذه الشروط تدل علي فساد العمل بالحديث الضعيف مطلقاً ولا شك أن العمل بالأحاديث الضعيفة يفتح أبواباً كبيرة للبدع والمحدثات والخرافات والمخالفات وغير ذلك.

 هذا من وفقني الله عز وجل في الإجابة عما ذكر

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه بإحسان إلى يوم الدين.

***** ر ******

الشيخ / أبو مصعب سيد بن خيثمة

عن khithma

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*